(1)
تستيقظ مروة صباح ذلك اليوم .. ربما كانت متلهفة علي الذهاب إلي المحكمة, كلها أمل أن العدالة الغربية سوف تلقاها اليوم .. هنا حيث الديموقراطية والحرية لا يمكن إلا أن تحصل علي حقك بغض النظر عن جنسك أو لونك أو دينك
تذهب مروة إلي المحكمة لتحصل علي حقها من جارها الذي شتمها وأهانها واتهمها بالإرهابية لمجرد أنها ترتدي الحجاب .. ربما كان لها خطط أخري بعد المحكمة .. لم تكن تدري أن المحكمة هي آخر مكان ستذهب إليه, وأن الحياة ربما ليست بالوردية التي نتخيلها
في المحكمة, يبدأ جارها في الهجوم عليها بسكين ويقوم بطعنها 18 طعنة .. يحاول زوجها الدفاع عنها فيقوم حارس المحكمة بإطلاق النار عليه هو ويقول بعدها أنه أصابه بطريق الخطأ
ذهبت مروة إلي ألمانيا هي وزوجها من أجل العلم والمال والحرية .. لكن الحلم تحطم تماما علي صخرة العنصرية لتعود مروة جثة هامدة.
لم يكد يمر أيام علي هذه الحادثة حتي تصاعدت اضطرابات أقليم شينجيانج غربي الصين .. عدة آلاف خرجوا في مظاهرة احتجاجا علي العنصرية ضد الأقليات وعلي أوضاع العمل ليقابلهم النظام الصيني بعنف شديد ويموت منهم 140 متظاهرا.
(2)
لم يكن هذين الحدثين مجرد احداثا عابرة تصادف حدوثها متزامنة في فترة وجيزة, إنما هي سلسلة متتالية من الأحداث العنصرية, خاصة ضد المسلمين خصوصا في العشرة أعوام الأخيرة
ابتداءا من وصولك إلي أي مطار أمريكي مثلا, كونك عربي أو مسلم هذا يعني أنك إرهابي إلي أن يثبت العكس. يتم تفتيشك والتأكد منك. بعد دخول البلاد, قد تحاول الحصول علي سكن لكنك قد تواجه الصعوبات لأن الناس لا يرغبون في أن تقوم بتفجير ممتلكاتهم! رحلة البحث عن عمل ستكون مرهقة للغاية بسبب ميولك الأرهابية! لو دخل أولادك المدارس هناك فسينتهي بهم الأمر بكره أنفسهم وآباءهم ودينهم لأن زملاءهم في المدرسة لا يتوقفون عن مناداتهم بالإرهابي والقاتل والحقير
في فرنسا, قامت الحكومة الفرنسية بإصدار قرار بمنع ارتداء الحجاب داخل الجامعات والمدارس الفرنسية, وقام العديد من الناس بالتحرش بمسلمين والإعتداؤ عليهم, وقد وصل حد هذه الأحداث إلي درجة محاولات القتل, وتحدث تقرير حقوقي فرنسي بأن العنصرية ضد المسلمين تزايدت بنسبة 251% خلال عام واحد من 2003م إلي 2004م
هذا بالإضافة إلي مئات الحوادث ذات الطابع العنصري ابتداءا بتمزيق المصاحف وليس انتهاءا باغتصاب المسلمات
(3)
بعد سقوط الإتحاد السوفيتي, مات العدو .. كان الإعلام الغربي يعيش ويتغذي علي العدو السوفيتي, وكان الإتحاد السوفيتي يمثل عند الناس نموذجا للشر الذي لابد من محاربته. لكن بسقوطه مات العدو المعروف وبدأ البحث عن عدو آخر لأن الرأسماليات العالمية لن تستطيع السيطرة علي شعوبها إلا إذا كان هناك عدو واضح لها
وجدوها! إنهم المسلمون .. فهم الذين خرج منهم أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة .. بالطبع حارب أسامة من قبل بجانب الأمريكيين ضد الإتحاد السوفيتي في أفغانستان, لكن هذا لا يهم الآن. المهم هو أن بن لادن نموذجا مثاليا للعب دور العدو. كلماته عدائية وغريبة وشكله غريب وملابسه غريبة. إذا بن لادن هو الشيطان الأكبر والشر المطلق في هذا العالم
لكن ما ساعد علي هذا ايضا – وهو الأهم- هو الحالة العامة التي تعيشها الغربية والتي جعلتهم أكثر تقبلا لهذه الأفكار الإعلامية الرأسمالية العنصرية في صناعة العدو
عندما نصبح جوعي وفقراء. عندما نري قليلين يتحكمون في كل شئ ويمتلكون كل شئ بلا أي حق لامتلاكهم وتحكمهم هذا ونشعر بالعجز لعدم قدرتنا علي تدمير هذا الظلم وانعدام المساواة, تتراكم بداخلنا قوة عنيفة لا تجد طريقا لإخراجها في مكانها الصحيح. عندها يصبح الحل أن نتخيل أعداء وهميين طالما أننا لا نقدر علي تدمير العدو الحقيقي.هذا العدو لابد أن يكون هشا وسهل التدمير , ولا شئ يمكن أن يلعب دور هذا العدو أكثر من الأقليات العرقية والدينية – نظرية الحلقة الأضعف في السلسلة
(4)
ما العمل؟
الحل أراه في تحقيق العدل والمساواة بين البشر بغض النظر عن الإنتماءات الدينية أو العرقية أو الجنسية. الحل في نظام يقضي علي التفاوتات الطبقية الهائلة الموجودة في بنية النظام الرأسمالي
الحل في القضاء علي منظومة المصالح الضيقة لصالح بضعة أشخاص علي حساب باقي البشر
الحل في الثورة علي هذا النظام المتوحش وإقامة دولة العدل والمساواة .. الدولة الإشتراكية
No comments:
Post a Comment